أنواع وشروط وضوابط الاقتباس في البحث العلمي
أنواع وشروط وضوابط الاقتباس في البحث العلمي
يُعتبر الاقتباس في البحث العلمي أحد الأعمدة الرئيسية التي تعتمد عليها خطة البحث، وهو من أقدم طرق جمع المادة العلمية المُتعارف عليها، والهدف من ذلك هو تدعيم البحث وتقوية المُحتوى، وتلك العملية ليست من الأمور السهلة، وتتضمَّن العديد من القواعد في التطبيق، وفي مُقدِّمتها الإشارة الواضحة إلى المصدر المُقتبس منه، وشرح المعنى الصحيح الذي أوضحه مُؤلِّف المصدر، وليس من حقِّ الباحث العلمي أن يُشوِّه الفكرة أو المعنى الأصلي، وسوف نستعرض في هذا المقال أهمية الاقتباس في البحث العلمي، وتعريف الاقتباس في البحث العلمي، وأنواعه وشروطه وضوابطه.
-
أهمية الاقتباس في البحث العلمي:
يعتمد الباحث أيًّا كان ميدان تخصصه على نقل بعض الأفكار التي أنتجتها قريحة ذهن الآخرين، أثناء القيام ببحثه أو رسالته، ولا شكَّ أن الموروث الثقافي المُتراكم عبر الحقب الزمنية المُتتالية، هو منبع ضخم للأفكار التي يبني عليها الباحث العلمي أفكاره في خطة البحث العلمي، ويأتي هنا السؤال طالما وُجِدَت الأفكار بشكلٍ مُسبقٍ، فما دور الباحث العلمي؟
والإجابة عن هذا السؤال تتمحور في أن الدور المنوط بالباحث العلمي يُماثل ما قام به سابقوه من حيث الأهمية، بل قد يفوقهم في ذلك، حيث إنه يتَّخذ من دراسات السَّابقين مُنطلقًا نحو التَّوجُّه إلى آفاق جديدة وأفكار إبداعية بنَّاءة، حتى إن اعتمدت على بعض القواعد الفكرية الماضية، إلا أن الحداثة الزمانية والمكانية لها دورها في إنتاج الجديد، فلقد قامت الدراسات السابقة، وفقًا لظروف وإمكانيات مُعيَّنة، وبالتالي سوف تختلف النتائج في حالة القيام بنفس التجارب في معمل مختلف أو بيئة مختلفة، وفقًا لأدوات وأساليب علمية حديثة.
-
تعريف الاقتباس في البحث العلمي:
تعني كلمة الاقتباس: "التَّزوُّد والإفادة والطلب"، ويُعرَّف الاقتباس في البحث العلمي بأنه: "نقل بعض النصوص عن الآخرين بشكل مباشر أو غير مباشر؛ من أجل التأكيد على فكرة مُعيَّنة أو نقدها نقدًا موضوعيًّا، والوصول إلى الجديد في التخصص ذاته"، وعرَّف البعض الاقتباس في البحث العلمي بتعريف موجز بأنه: "التَّزوُّد بالمادة العلمية من مصادرها الأصلية".
-
أنواع الاقتباس في البحث العلمي:
الاقتباس بصورة مباشرة:
ويعتمد ذلك النوع من الاقتباس في البحث العلمي على النقل الحرفي، بهدف توفير المعلومات والبيانات، ومن المعروف أن هناك الكثير من المؤلفين السابقين الذين لديهم حججُهم القوية في كتاباتهم، وهم مصدر ثقة للجميع، ويتم الاقتباس بصورة مباشرة عن طريق نقل النص دون تغيير، وفي حالة رغبة الباحث العلمي في ذلك، فإنه يقوم بالنقل، ويضع الكلام المنقول بين قوسين " "، وبعد ذلك يقوم بوضع رقم أعلى النص، ويشير إلى المؤلف في الحواشي السُّفلية؛ من خلال وضع نفس الرقم، وهكذا بالنسبة لباقي النصوص المُقتبسة.
مثال على الاقتباس في البحث العلمي بصورة مباشرة:
"المنهج العلمي الصحيح هو الذي يتم تدعيمه من خلال التجربة، مع توضيح كل الأمور المتعلقة بجميع الجوانب حتى يتفهمها القارئ"(1)
وفي نهاية الصفحة البحث في الهامش السُّفلي يُشار للمؤلف كما يلي:
__________________________________________
(1) محمد محمد بدران إبراهيم، مفهوم المنهج العلمي، ط2 (القاهرة، مؤسسة الشروق للطباعة، 2010م)، ص113.
الحذف عند الاقتباس:
وفي تلك الحالة يقوم الباحث العلمي بوضع ثلاث من النقاط تعبيرًا عن الحذف، ويضع بينها مسافات متساوية، بما يُساهم في عملية قراءة النص المُقتبس بشكل واضح دون عناء، بشرط أن لا يُغيِّر الحذف من المعنى الكُلِّي للجُملة المنقولة.
مثال:
في حالة ما إذا كان لدينا الجُملة التالية في المصدر:
((يهدف المنهج التاريخي إلى... وبالتالي دراسة ما يتعلَّق بموضوع البحث من أحداث سابقة في التخصص ذاته)).
استيفاء البيانات:
ومن خلال ذلك يقوم الباحث العلمي بتصحيح الأخطاء التي قد تشوب النص المنقول، ويقوم بوضع الصحيح ما بين قوسين كبيرين كما يلي [ ] بعد الجُملة المُدوَّنة خطأ، أو يقوم الباحث العلمي بتوضيح المصطلح بعد كتابة النص مثل ((تم تأسيس النادي الأهلي في عام 1932))(1).
وفي الهامش يُوضَّح ذلك كما يلي:
(1) بيان محمود السلاموني على...
الاقتباس بصورة غير مباشرة:
الاقتباس في البحث العلمي بصورة غير مباشرة يتم من خلال إعادة صياغة الجُمل على أن تحمل المعنى نفسه، ويُطلق على تلك الطريقة تلخيص الفكرة، ويجب أن تُمثِّل المصدر بشكل دقيق وبعيدًا عن التَّشويه في المعنى، ويجب أن تتم مُحاكاة الجُمل على غرار البنية الأصلية في الكتاب أو المصدر الذي تم اشتقاق الكلمات منه، وبعد نهاية إعادة الصياغة يقوم الباحث بوضع رقم في أعلى نهاية الفكرة أو الجُملة، ويتم تضمين اسم المؤلف في الهوامش السُّفلية.
الاستشهاد بكلام المؤلف:
وهي نوع من أنواع الاقتباس في البحث العلمي يتم فيها تضمين المعنى بشكل غير مباشر؛ للتأكيد على كلام المؤلف تجاه فكرة مُعيَّنة سبق ذكرها في مضمون البحث مثل:
وهذا ما أوضحناه سابقًا ((محمد عبد اللطيف)) من أن ((...........))(1).
ثم نُوضِّح المصدر في الهوامش السُّفلية.
الإشارة إلى المُقابلة الشخصية:
ويتم تضمين ما يقوم به الباحث العلمي من مُقابلات مع أحد العلماء أو الخبراء في التخصص ذاته، أو في حالة كتابة جُملة مصدرها شخص، حيث يضع الباحث علامة (*) في نهاية الجُملة المنقولة التي تم الإدلاء بها، مع كتابة نص الكلام بين قوسين " "، وبعد ذلك تتم كتابة ذلك في الهوامش السُّفلية على النحو التالي:
* مُقابلة قام بها الباحث مع ( ) في كلية العلوم/ جامعة الإسكندرية في يوم الثلاثاء 26/4/2007م.
الاتفاق أو عدم الاتفاق في الرأي:
كأن يقول الباحث العلمي: يتفق الباحث مع ما أوضحه ((محمد عبد اللطيف)) من أن.......، أو يقول لا يتفق الباحث مع دراسة ((حسين عبد النعيم)) فيما استنتجه.
- شروط وضوابط الاقتباس في البحث العلمي:
يوجد العديد من شروط وضوابط الاقتباس في البحث العلمي التي يجب أن يضعها الباحث العلمي في عين الاعتبار، وسوف نُوضِّحها كما يلي:
· يجب أن تكون الاقتباسات التي يسوقها الباحث العلمي في بحثه أو رسالته، مُعبِّرةً عن المعنى الأصلي، سواء تم نقله بشكل نصي مباشر أو غير مباشر، مع الإشارة إلى كاتب أو مؤلف المصدر، سواء في مضمون البحث أو في القائمة النهائية للمراجع.
· مع تعدُّد وسائل الاقتباس في البحث العلمي يجب على الباحث أن يكون مُختصرًا على قدر الإمكان، حيث إن الاقتباسات المُطوَّلة قد تشوبها الأخطاء، وخاصَّةً في حالة إعادة صياغتها، وقد يُؤدِّي ذلك إلى تغيُّر المعنى، وبالتالي يحدث تشتُّت القارئ.
· يجب أن يهتم الباحث العلمي باقتباس الضروريات فقط، نظرًا لأن هناك بعض الأجزاء في الكتب أو المصادر قد لا تعني الباحث في مجال تخصصه.
· ينبغي على الباحث أن يُقدِّم أسباب قيامه بالاقتباس في البحث العلمي من المصادر الأصلية عن طريق التعقيب على ما يتم نقله من تعريفات أو أفكار أو آراء، وما غير ذلك، وإلا فما فائدة البحث العلمي الجديد؟! وفي حالة تعقيب الباحث بالإيجاب على ما هو منقول فسوف يُصبح مُطالبًا بالدفاع عن تلك الآراء أو الأفكار عند السؤال في ذلك من قِبَل المُناقشين للرسالة أو لخطة البحث العلمي.
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات