الفرق بين السرقة الأدبية والسرقة الفكرية
الفرق بين السرقة الأدبية والسرقة الفكرية
تُعد الأبحاث والمقالات والمخترعات العلمية منتجًا ذهنيًا، شأنه شأن جميع السلع والخدمات، فهي حق أصيل لمن قام بتأليفها أو صناعتها، ولا يحق لأي شخص آخر ادعاء ملكيته لها بخلاف صاحبها، ففي ذلك اعتداء على ممتلكات الغير، كمن يقوم بالتعدي على أرض في حيازة الآخرين، أو الاستيلاء على شقة لا تخصه.... إلخ، ويجب على الفرد في حالة القيام بتقديم منتج ذهني أن يكون متفردًا ومميزًا، فالتشابه والتكرار لا يقدمان القيمة، وسوف نستعرض في هذا المقال الفرق بين السرقة الأدبية والسرقة الفكرية؟، والعديد من الأطروحات الأخرى التي تدور حول في هذا الإطار.
ما الفرق بين السرقة الأدبية والسرقة الفكري؟
هناك فارق بين السرقة الأدبية والسرقة الفكرية، ومن الممكن أن نقول إن السرقة الفكرية هي المفهوم الأوسع، والعلاقة بينهما هي علاقة الجزء بالكل، فالمنتجات الأدبية هي جزء أصيل من المنتجات الفكرية، فكل سارق أدبي هو سارق فكري، والعكس غير صحيح.
السرقة الفكرية تصنف من حيث النوع إلى:
السرقة العلمية: وهي تتمثل في السطو العلمي على جميع ما يتعلق بالمنتجات العلمية الملموسة والمكتوبة، ومحاكاة ذلك بصورة أو بأخرى.
السرقة الأدبية: وهي تتمثل في نسخ المنتجات الأدبية التي تخص الآخرين، مثل الأبحاث الأدبية، والروايات، واللوحات، والرسوم، والمقالات، والأشعار، والألحان، والقصائد.
السرقة الفكرية تصنف من حيث المحتوى إلى:
سرقة الفكرة بالكامل: حيث يقوم المنتحل بالاستيلاء على الاختراع أو المنتج الأدبي أيًا كان نوعه بشكل تام، ومن ثم تسجيله ونسبه إلى نفسه.
سرقة الفكرة بشكل جزئي: ويكون ذلك عن طريق انتزاع بعض الأفكار من محتوى آخر بصورة جزئية، واستكمال الباقي، والهدف من ذلك هو التغطية على المواضيع الأصلية، واكتساب مزايا جديدة دون استئذان صاحب تلك الأفكار.
ما الأسباب التي تدعو إلى قيام بعض الأشخاص بالاعتداء على الممتلكات الأدبية أو الفكرية للغير؟
· الكسل الفكري: يأتي في أولويات الأسباب التي تؤدي إلى السرقة الأدبية والفكرية التراخي والكسل الذهني، حيث يُغير السارق على نص كتابي أو مؤلف بداعي تقديمه ونسبه لنفسه دون أن يقوم ببذل مجهود، مفتخرًا ومزهوًا بنفسه دون بذل الجهد اللازم لخدمه نفسه أولًا أو مجتمعه.
· الغيرة: قد يكون دافع الغيرة والحقد من أسباب القيام بالسرقة الأدبية والفكرية، نظرًا لرؤية أحد الأشخاص قد وصل إلى مرحلة متقدمة من التفوق والنجاح، فلماذا يكون في تلك المكانة؟!، وتلك وجهة نظر بعض الباحثين التي تنم عن الحقد والضعف والشعور بالفشل، والحري هو السير على درب الناجحين، والتماس الطرق التي تم اتباعها.
ما الوسائل التي ساعدت على انتشار السرقات الأدبية والفكرية؟
قد يكون للتكنولوجيا الحديثة أثر في انتشار السرقات الأدبية والفكرية، نتيجة انتشار المعلومات على شبكات الإنترنت في جميع المجالات، فهي كمن يرى سوقًا للسلع والخدمات ولا يوجد صاحب له، ومن ثم يبدأ الباحث في النهم بصورة نصية وكاملة دون رقيب أو حسيب، وخاصة في ظل انتشار البرامج والتطبيقات التي تسهل من تلك الأمور، ونحن في ذلك الأمر ننوه إلى الاقتباس النصي والفكري الكامل، ولا يعني ذلك أن الصياغة والتماس بعض الأفكار خطأ، بل على عكس من ذلك فالبحث المعلوماتي هو مناط العلم، ولكن يجب أن يحمل الجديد، وليس مجرد سرد أو تفنيد لما يقدمه الآخرون.
ماذا يجب علينا فعله من أجل الحد من ظاهرة السرقة الأدبية والفكرية؟
الدوافع الأخلاقية: تعد الدوافع الأخلاقية المحرك الرئيسي للباحث العلمي أو الطالب أو الدارس، من خلال التيقن الداخلي بمدى فداحة سرقة حقوق الآخرين، ومن ثم الإضرار بالغير دون ذنب، ومن ثم يجب تعظيم القيم الأخلاقية لدى الباحثين؛ من خلال الأساتذة والخبراء الجامعيين.
التوعية الإعلامية: من المهم أن يكون هناك دور للإعلام؛ من أجل توعية الباحثين بمخاطر السرقات الأدبية والفكرية، ويمكن أن يكون ذلك عن طريق القنوات الفضائية، أو الوسائل الورقية، مثل الصحف، والمجلات، أو عن طريق المواقع الإلكترونية، وتطبيقات التواصل الاجتماعي.
توثيق الملكية الفكرية: هناك الكثير من الكتاب أو الباحثين ممن يهملون ذلك الجانب، وذلك على الرغم من أهميته، حيث إنه سبيل لحفظ ما يقوم الباحثون بتقديمه من المنتجات الذهنية أو المخترعات العلمية.
سن القوانين: يجب على الدولة أو المسؤولين عن البحث العلمي سن القوانين الرادعة للحيلولة دون تفاقم تلك الظاهرة السلبية، ومن ثم ردع كل من تسول له نفسه القيام بالسرقة الأدبية والفكرية، وبالفعل خطت بعض الدول خطوات واسعة في الحد من تلك الظاهرة؛ من خلال القوانين الوضعية في مجال البحث العلمي، غير أنه يجب تحديثها تتواكب مع المتغيرات الحديثة.
ما أهمية توثيق المراجع في الحماية من السرقة الأدبية والسرقة الفكرية؟
تعد عملية توثيق المراجع من الوسائل المهمة التي تعطي كل ذي حق حقه، فبعد أن يقوم الباحث العلمي باقتباس أحد النصوص من المؤلفات الأخرى، والاستعانة به في كتابة البحث أو الدراسة المتعلقة به، وينبغي أن يقوم بالإشارة إلى المؤلف الأصلي، وألزم البحث العلمي جميع الدارسين بذلك الأمر، لتحري الدقة، ومن ثم منع السرقة الأدبية والسرقة الفكرية.
هل يجوز الاقتباس من الغير؟
أجاز البحث العلمي الاقتباس الأدبي أو الفكري من الغير عند قيام الباحثين العلميين بإعداد بحوثهم، فالعلم هو الوسيلة، وليس الغاية، والوسيلة هنا تتمثل في القاعدة البنائية التي ينطلق عن طريقها الباحث لبناء كيان جديد ومختلف بالكلية عما قدمه غيره، وقد يضطر الباحث إلى الاستعانة بما كتبه الآخرون في مجال معين، والدافع هنا ليس الحصول على الممتلكات الفكرية للغير، بل البناء والتطوير والنقد البنَّاء، مع عدم التكرار والتشابه، حتى لا يدخل ذلك في عداد السرقة الفكرية والأدبية.
وعلى سبيل المثال: قام أديسون باختراع المصباح الكهربائي، بالإضافة إلى العديد من المخترعات الأخرى، مثل جهاز التصوير السينمائي، ولا شك أن تلك الآلات كان لها بالغ الأثر، وغيرت الكثير من المظاهر الحياتية للإنسان، وبعد ذلك قام آخرون بالبناء على ذلك، وأثروا الحياة البشرية، وأضافوا مزايا جديدة لتلك المخترعات، وأصبح كل يوم هناك الجديد من التطورات في الأجهزة سابقة الذكر، ولا يعني ذلك أن من قام بالتطوير منتحل أو سارق، بل لكل منهم دوره في تقديم ما يفيد البشرية.
جدير بالذكر أن جميع الجامعات التي تضم بين جنباتها طلاب الدراسات العليا تصرح بالاقتباس، ولكن بنسب معينة تتفاوت فيما بين جامعة وأخرى، مع التنبيه على أهمية توثيق المراجع العلمية أو الأدبية التي يدونها الباحث.
ما الأمور التي يجب أن يتبعها الباحث أو المخترع العلمي لتجنب السرقة الأدبية والسرقة الفكري؟
· التعليم المستمر: يُعد التعليم المستمر هو سبيل الباحث لاكتساب قواعد معلوماتية جديدة، تمكنه من فهم طبيعة التخصص الذي يدرسه، فالفهم العلمي الصحيح هو سبيل الوصول للقوانين والنظريات الجديدة، دون حاجة للسرقة الأدبية أو السرقة الفكرية.
· الثقة بالنفس: تعد الثقة بالنفس هي الدافع لتقديم المنتج الذهني الإيجابي دون حاجة لسرقة جملة أو فكرة، ويجب أن يكون ذلك في إطار من المثابرة والجلد، ولا يعني فشل الباحث في إحدى التجارب، أو في كتابة أحد الأبحاث أن ذلك نهاية المطاف، بل يجب المعاودة والإصرار على النجاح، وأعظم العلماء لم يتسنَّ لهم النجاح من أول وهلة.
· تنمية القدرات العقلية: يجب على الباحث العلمي أن يدرك أن القدرات العقلية لا تندثر، وإنما التدريب والتنشيط الفكري واكتساب الخبرات هي سبيل تنمية الذكاء، والتساؤل الدائم والبحث وعدم الكسل هما الوسيلتان اللتان يمكن عن طريقهما تقديم الأطروحات الجديدة، وحل المشاكل العلمية دون اللجوء إلى السرقة الأدبية والسرقة الفكرية.
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات