أنواع البحث العلمي وخصائصه
أنواع البحث العلمي وخصائصه
البحث العلمي عنصر رئيسي في تحقيق الازدهار والتقدم المنشودين من جانب أي جماعة من البشر، وفي حالة الرغبة في تحقيق حالة من الرفاهية والراحة لشعب ما على كل الميادين، فينبغي أن يكون هناك تأصيل البحث العلمي، ووضعه في المكانة المناسبة له، ولدينا الفروقات الواضحة في الوقت الحالي ما بين شعب يعتمد على البحث العلمي، وشعب آخر ما زال يقطن في قوقعه بعيدًا عن ذلك، فالأول انطلق ومن ثم اتخذ مكانة مرموقة على صعيد الدول وله الكلمة العليا، والثاني لا حول له ولا قوة ويأخذ الأوامر من الغير، ومن هذا المنطلق يجب أن نعزز جوانب البحث العلمي مع التنفيذ الفعلي لكل ما هو إبداعي، وليس مجرد أبحاث تكتب لتركن وتُصف دون طائل، وقبل أن نتطرق إلى أنواع البحث العلمي وخصائصه، سوف نستعرض تعريف البحث العلمي وأهميته وتطوره.
ما أبرز التعريفات التي وضعها العلماء للبحث العلمي؟
- يعرف البحث العلمي على أنه: "اكتشاف المعارف والحقائق وعرضها في إطار ممنهج لتحقيق التطور والمتقدم".
- وعرف البعض البحث العلمي على أنه: "الأسلوب المنظم في جمع وترتيب وتصنيف وتحليل البيانات، وفقًا لقواعد محددة اصطلح عليها الخبراء".
- ويعرف البعض الآخر البحث العلمي على أنه: "دراسة الإشكاليات التي تواجه البشر، والعمل على حلها بأسلوب علمي".
- ويعرف آخرون البحث العلمي على أنه: "تنظيم الأفكار المتنوعة لكشف ما يجهله الإنسان من خلال مجموعة من القرائن".
- ويعرف آخرون أيضًا البحث العلمي على أنه: "استنباط السمات التي تكون التصور عن مشكلة معينة، من خلال المعلومات والأدلة والشواهد، بهدف حل تلك المشكلة".
ما أهمية البحث العلمي؟
تتمثل أهمية البحث العلمي في مجموعة من العناصر كما يلي:
- تطوير العلوم الطبيعية والاجتماعية، وتحقيق التطور المنشود لمجتمع من البشر.
- تغيير المفاهيم الخاطئة، والتعرف على الاتجاهات والسلوكيات القويمة.
- مناقشة القضايا المجتمعية التي تؤرق الأفراد، والتي تتفاقم في وقت معين وتصبح معوق نحو المضي قدمًا، والعمل علي حلها.
- تشكيل هوية المجتمع وأفكاره وتوجيهها بشكل صحيح بما يحقق الاستقرار.
- الانخراط مع المجتمعات والدول الأخرى عن طريق التواصل البناء، والتعاون البحثي المشترك.
- وضع أُطر ونظريات جديدة تساعد على توسيع مدارك القراء بوجه عام.
نبذة عن تطور البحث العلمي:
- في الحقب القديمة: ميز الله البشر بالعقل منذ أن خلقهم، لذا ظهر البحث العلمي منذ وجود الإنسان على الكوكب الأرضي، غير أنه في البداية لم يكن هناك تفكير منظم مثلما عليه الوضع في الوقت الراهن، وإنما كان الأمر ينصب على تلبية حاجات الإنسان البسيطة، والتي كانت وليدة التعامل مع الطبيعة، فعمد الإنسان على اصطناع بيوت بسيطة؛ لحمايته من عوامل الطبيعة القاسية، وفي فترة لاحقة قام الإنسان البدائي بتصنيع أدوات بسيطة؛ ليصطاد بها الحيوانات والطيور والأسماك كمصادر للغذاء.
- في العصر الحديث: بمرور الوقت أصبح البحث العلمي منهج وله قواعد محددة، ولم يكن ذلك دفعة واحدة، ولكن بني على مراحل متعددة - جيلًا بعد آخر - واستطاع الإنسان من خلال ذلك أن ينطلق ويبني النظريات والمسلمات في جميع التخصصات، وسوف يشهد المستقبل تغييرات جذرية نظرًا لتسارع وتيرة البحث العلمي، والتي يجب أن لا نتخلف عن ركابها، وداعمنا في ذلك الاستغلال الأمثل لما هو متاح لدينا من موارد مادية وبشرية.
ما أبرز الخصائص التي يجب أن تتوافر في البحث العلمي؟
- البعد عن التحيز والموضوعية: وهي من أبرز خصائص البحث العلمي، ويتمثل ذلك في تجرد الباحث من الأحكام والأفكار الشخصية، ووضع القيمة والهدف من البحث في مقدمة الاعتبارات للوصول إلى الحقائق، ويكون ذلك عن طريق تكثيف الدراسة والاجتهاد، والسير على نسق موضوع البحث، وعدم الانسياق لأمر أو نقاط جانبية؛ حتى لا يتم تشتيت الأذهان.
- المنهجية في إجراء البحث: أي بحث علمي يجب أن يتسم بالمنهجية، والمقصود هنا بالمنهجية العمل المنظم وفقًا لخطوات محسوبة ومدروسة، ومن ثم العرض السليم، وتحقيق الغرض من البحث.
- النتائج الثابتة: ويعد ذلك من خصائص البحث العلمي ولكن بشروط، ففي حالة إعادة الدراسة أو البحث المُقدم سلفًا في نفس الظروف يجب أن تكون النتائج واحدة.
- حتمية وجود تفسير لأي مشكلة: ويمكن أن نطلق على ذلك المفهوم علاقة السببية، حيث إن لكل إشكالية أسبابًا لنشأتها، حتى ولو لم تدركه العقول في وقت معين، ويمكن الوصول إلى ذلك عن طريق البحث العلمي.
- التراكم المعرفي العلمي: يعتبر التراكم المعرفي من بين خصائص البحث العلمي المهمة، ويمكن أن نمثل البحث العلمي بالمبنى الكبير الذي يتم بناؤه على مراحل بالاعتماد على الأثاث، ولا يعني ذلك التكرار والتشابه، بل إن الباحث العلمي يستلهم أفكاره من السابقين، ويقوم بطرح جديد يتوصل فيه إلى منافع جديدة لبني البشر.
- التفكير المنظم: وهو من أهم خصائص البحث العلمي، حيث يبدأ البحث العلمي باختيار الباحث لموضوع معين يرتبط بمؤهلات الباحث العلمي، وبعد ذلك يقوم بوضع مجموعة من الفرضيات التي تعبر عن إشكالية البحث، ثم يقوم بالدراسة وجمع المعلومات، والإحاطة الشاملة بالإشكالية، وبعد ذلك يقوم بتجربة الفرضيات، والتأكد من مدى صحتها.
- الاعتماد على الأدلة والقرائن: من أبرز خصائص البحث العلمي الاعتماد على توفير النتائج وفقًا لأدلة وقرائن رقمية أو وصفية يصل إليها الباحث العلمي؛ عن طريق تحليل المعلومات التي يجمعها، ولا يعتمد البحث العلمي على الظن أو الاحتمالية.
- الدقة في إجراءات الدراسة: الدقة من خصائص البحث العلمي المهمة، فالبحث العلمي ليس كغيره من التدوينات المتنوعة، فهو يهدف إلى تحقيق تقدم ملموس في تخصص أو مجال ما، لذا يجب أن يتسم بالدق في كل مراحله، منذ بداية التفكير في موضوع البحث، مرورًا بوضع الإطار العام للمشكلة والإجراءات المتبعة في ذلك وصولًا إلى نتائج واضحة لا تقبل الطعن أو الشك.
- القياس الكمي أو الوصفي: والمعني بذلك تحديد المشكلة وأسبابها؛ من خلال القياس الرقمي أو الوصفي بدقة، واستخدام الأدوات الإحصائية في ذلك مثل المتوسط الحسابي أو الانحراف المعياري أو الدول بكل أنماطها، وتختلف أدوات القياس المتبعة على حسب نوعية البحث العلمي.
ما أهم أنواع البحث العلمي؟
تختلف التصنيفات المتعلقة بأنواع البحث العلمي إلى أكثر من صنف كما يلي:
تصنيف أنواع البحث العلمي على حسب الغرض منه:
- البحوث النظرية: والهدف من تلك الأبحاث هو الفهم لموضوع أو مشكلة معينة، ومن ثم وضع القوانين والمسلمات والنظريات بغض النظر عن التطبيق من عدمه.
- البحوث التجريبية: وهي من بين أنواع البحث العلمي التي تهدف إلى تطبيق نظريات معروفة للتأكد من صحتها، وتحقيق المعرفة، وذلك النوع يستخدم في تطوير طرق العمل في مجال معين.
تصنيف أنواع البحث العلمي على حسب المنهج المستخدم:
- البحوث العلمية التي تستخدم المنهج الوصفي: وهي من أنواع البحث العلمي ذات الارتباط بالعلوم الاجتماعية، والتي تتطلب وصف أحداث أو ظواهر، ومن ثم جمع الحقائق في البداية، ووضع تقارير أو نتائج نهائية توضح الصورة وتجليها، وبناء على ذلك يبدأ اتخاذ القرار المناسب.
- البحوث العلمية التي تستخدم المنهج التاريخي: وهي من بين أنواع البحث العلمي التي تهدف إلى دراسة أحداث تاريخية معينة تتعلق بالمشكلة موضوع الدراسة، وتسجيلها وتحليلها وتفسيرها، ويستخدم ذلك في التعميم على الحاضر، ومن ثم التنبؤ بالمستقبل.
- البحوث العلمية التي تستخدم المنهج التجريبي: وهي من أنواع البحث العلمي التي تقوم على التجريب والملاحظة ووضع الفروض العلمية، والتحقق من مدى صدقها.
- البحوث العلمية التي تستخدم المنهج الاستقرائي: وذلك النوع يتميز بالتحليل الدقيق للمشكلة وأبعادها، ويستخدم في الأبحاث ذات الصلة بالعلوم الرياضية أو الفيزيائية.
تصنيف أنواع البحث العلمي على حسب طبيعة المحتوى الدراسي:
- البحوث العلمية البحتة: وهي من أنواع البحث العلمي التي يهتم بدراسة الكيمياء والفيزياء والرياضيات والفلك، وتساعد على تحقيق نهضة أكاديمية شاملة.
- البحوث الاجتماعية: وهي تهتم بدراسة العلوم الاجتماعية مثل الاجتماع وعلم النفس والفلسفة.
- البحوث الاقتصادية: وهي تتعلق بالتطوير الاقتصادي والإداري وجميع فروع المال والأعمال، وتساعد في زيادة الوفورات المالية والإنتاجية.
- البحوث الجغرافية: وهي من أنواع البحث العلمي التي تهتم بدراسة طبيعة الظروف المناخية والتضاريس والبحار والمحيطات.
- البحوث الدينية: وتهتم بما يرتبط بالأديان وما يحيط بها من قواعد وتشريعات.
- البحوث التاريخية: وهي تهتم بدراسة تاريخ الإنسان في حقبة معينة، ومن ثم طبيعة تلك المرحلة، والأحداث التي تتسم بها.
- البحوث الوثائقية: وهي التي تبحث في دراسة الوثائق والمخطوطات واستنباط المعلومات منها؛ للتعرف على صفات أشخاص معينين أو فترة معينة.
تصنيف أنواع البحث العلمي وفقًا للمستوى الدراسي:
- أبحاث المدارس: وأبحاث المدارس نوع من أنواع البحث العلمي، وتتميز بالبساطة في طريقة الإعداد، وهي لا تتطلب ترتيبات منهجية أو وقتًا طويلًا، وفي الغالب تُطلب من التلاميذ لقياس مدى ما اكتسبوه من معلومات في إطار المنهج الدراسي، وهي شبيهه بالمقالات الطويلة أو المواضيع الإنشائية، ولا تتضمن أفكارًا كثيرة أو مركبة أو دراسة متعمقة، ويعد ذلك مناسبًا لتلك المرحلة السنية.
- أبحاث الجامعات: وهي نمط من أنواع البحث العلمي يتم عمله بشكل فردي أو جماعي، ويترتب على تنفيذه حصول الطالب على درجات مرتبطة بنتيجة السنة الدراسية، ويتميز بالإسهاب والاسترسال بدرجة أكبر من الأبحاث المدرسية على اعتبار أن الطالب الجامعي قد نضج، وأصبح لديه القدرة على جمع المعلومات وترتيبها وتحليلها للخروج بنتائج بسيطة، والأبحاث الجامعية قد تكون خلال سنة من السنوات الجامعية، أو في صورة مشروع تخرج في نهاية الدراسة برمتها، وفي النهاية فهي لا ترقى أيضًا لمستوى البحث العلمي الشامل والمنهجية التي يحتاج إلى تنفيذها.
- أبحاث الدراسات العليا: وهي من أصعب أنواع البحث العلمي وتنقسم إلى شقين:
- الماجستير: وهي الدراسة التي تلي الحصول على الشهادة الجامعية، والتي قد تكون بكالوريوس أو ليسانس، وللماجستير كثير من الأنواع ومن أهمها الماجستير الدراسي الذي يتطلب حضور المحاضرات في مواد معينة، وفي النهاية يعد الطالب رسالته العلمية لتقديمها إلى لجنة من المناقشين، ومن ثم الحصول على درجة الماجستير، ويتطلب ذلك إشراف أحد الأساتذة المتخصصين في ذات المجال.
- الدكتوراه: وهي رسالة متكاملة يجب أن ينفذها الباحث العلمي دون مساعدة مشرف أو أي شخص آخر، وينبغي أن تعد بدقة بالغة، بالاعتماد على الأسلوب البحثي الأكاديمي المنظم، حيث إن الدكتوراه هي أعلى الدرجات العلمية، وينبغي الحصول عليها عن جدارة واستحقاق.
وفي الخاتمة: نتمنى أن نكون قد قدمنا دليلاً نافعًا لأنواع البحث العلمي وخصائصه.
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات