المنهج الوصفي.... بتفاصيل دقيقة
المنهج الوصفي في طليعة مناهج البحث العلمي شائعة الاستخدام، ويأخذنا ذلك بداية نحو تعريف "منهج البحث العلمي"، وهو عبارة عن أسلوب أو طريقة مُنظمة تستهدف دراسة مشكلة أو موضوع أو ظاهرة؛ عن طريق تفصيلها بصورة واضحة، والتَّعرُّف على المُسبِّبات التي أدَّت لحدوثها، ويلي ذلك توضيح لنظرية أو مفاهيم في بعض الأبحاث، أو وضع إطار للعلاج المناسب من وجهة نظر الباحث، وفي ضوء المُعطيات في أبحاث أخرى، وأي قصور في مرحلة من مراحل استخدام المنهج الوصفي؛ سوف ينتج عنه بالتبعية خلل في باقي الإجراءات المُتتالية في البحث العلمي؛ نظرًا لقيام البحث بوجه عام على مبدأ البناء المرحلي، بمعنى تعريف للمشكلة بشكل واضح، ثم أسئلة علمية، ثم شروح تفصيلية، ثم نتائج مُبرهنة، ويلي ذلك حلول، وسوف نُوضِّح عبر فقرات المثال معلومات شاملة حول المنهج الوصفي، وبتفاصيل دقيقة.
ما مفهوم أو تعريف المنهج الوصفي؟
يُعرف المنهج الوصفي أيضًا باسم "المنهج الكيفي"، أو "المنهج النوعي"، وهو: "إطار معرفي منهجي يتَّبعه الباحث أو الباحثة، وبخُطوات مُتتابعة لفهم ظاهرة مُعيَّنة بهيئتها على أرض الواقع، ومن خلال وضع تساؤلات "استفسارات مبدئية" أو فرضيات، ثم السعي حثيثًا لجمع البيانات والمعلومات المُرتبطة بذلك؛ للإجابة عن تلك الأسئلة بأسلوب مُقنع ومُوثَّق قدر المُستطاع في الوقت ذاته، وفي النهاية يتم تعميم النتائج، أو استخدامها في إيجاد حلول على أرض الواقع".
ما أهم أنواع الأبحاث المُستخدم فيها المنهج الوصفي؟
لا يُوجد حدود للبحوث التي يُمكن أن يُستخدم فيها المنهج الوصفي ، وعلى الرغم من قول البعض إنه هو الأفضل في دراسة البحوث التربوية أو الاجتماعية أو ذات الصلة بالعلوم الإنسانية بوجه عام، غير أن ذلك لا يمنع من استخدام المنهج الوصفي في الأبحاث المُرتبطة بالعلوم الطبيعية مثل: الفيزياء والكيمياء والأحياء... إلخ، فهو مُناسب لكل أنماط الأبحاث.
هل يُستخدم المنهج الوصفي بمُفرده في الأبحاث العلمي؟
إن البحث العلمي مُتَّسع من حيث المجالات، وهناك بعض الأبحاث العلمية التي تحتاج لاستخدام أكثر من منهج علمي في الوقت نفسه، وعلى سبيل المثال في حالة إجراء بحث عن ظاهرة استقدام الخادمات في دول الخليج العربي، فإن ذلك قد يلزمه المنهج الوصفي، والتاريخي في الوقت ذاته.
ما أبرز مميزات المنهج الوصفي؟
- وصــف الظواهر بكل دقة: في مقدمة مميزات المنهج الوصفي مُساعدته في وصف الظواهر والإشكاليات وبكل دقة، ويكون ذلك عن طريق جمع المعلومات حولها، سواء أكانت تاريخية من خلال الدراسات السابقة، والتي تتمثَّل في المصادر والمراجع، أو عن طريق المعلومات الحالية التي تتوافر في مجموعة من المفحوصين أو المبحوثين الذين يختارهم الباحث بعناية، ووفقًا لأسس علمية من خلال أسلوب العيِّنة، وباستخدام أدوات بحث علمي منهجية تتمثَّل في المُقابلة أو الاستبيان أو المُلاحظة أو الاختبارات.
- التَّنــــــــــــــبُّؤ بما هو كائن: من مميزات المنهج الوصفي المُساهمة في التَّعرُّف على الظاهرة أو الإشكالية في الفترة الرَّاهنة أو الحالية، وبناءً على ذلك إمكانية التَّنبُّؤ بما هو كائن في المُستقبل، وعلى سبيل المثال في حالة إجراء دراسة حول ظاهرة الانفجار السكاني، والتأكد وفقًا لرقميات من مُعدَّلات التزايد المستمر للأفراد؛ فيُمكن وضع متوسطات لأرقام السكان في مراحل مُستقبلية.
- إيجاد العلاقات بين متغيرات البحث: يُزوِّد المنهج الوصفي أو الكيفي الباحث بتفسير للعلاقة بين المتغيرات البحثية، ومن ثَمَّ تفسير الظاهرة أو المشكلة بوضوح، وذلك من أبرز مميزات المنهج الوصفي.
- المنهجية في تفصيل الأبحاث: المنهج الوصفي مُنظَّم من حيث الخطوات، ولا يُستخدم بشكل عشوائي، وذلك العُنصر من مميزات المنهج الوصفي، والذي يلزمه إجراءات محددة في سبيل تفصيل البحث العلمي، وبالطبع يختلف ذلك عن باقي أنواع الكتابات، مثل: المقالات أو الروايات أو القصص.
ما أبرز سلبيات المنهج الوصفي؟
على الرغم من الاستخدام المُوسَّع للمنهج الوصفي، فإن الخبراء فنَّدوا سلبيات متنوعة أو مآخذ على ذلك المنهج، ومن أبرزها:
- الصعوبة في تعميم استنتاجات الدراسات: حدود البحث في المنهج الوصفي تتمثَّل في الحدود الزمانية والمكانية، وبالتالي فإن الوضع قد يتغيَّر في حالة إجراء الدراسة في مكان أو زمان مُغايرين، لذا فإن التعميم قد لا يكون دقيقًا، وذلك من بين سلبيات المنهج الوصفي.
- الصعوبة في المُعايرة أو القياس بالنسبة للسلوكيات والتوجهات: ويُعَدُّ ذلك من سلبيات المنهج الوصفي؛ حيث إن السلوكيات والتوجهات الإنسانية قد يصعب تفسيرها في ظل المنهج الوصفي، وذلك على الرغم من كونه الأقدر عن المناهج الأخرى في تحقيق ذلك، حيث تخضع التفسيرات للرؤى الشخصية في بعض الأحيان، وقد تُصيب أو تُخطئ.
- الصعوبة في وضع فرضيات البحث العلمي: يجد الباحثون في ظل المنهج الوصفي صعوبة في وضع فرضيات دقيقة أو القيام باختبارها فيما بعد؛ نظرًا لأن الظاهرة أو المشكلة البحثية تعتمد على الوصف أو الملاحظة، وتُوضع صياغة لذلك، ولا مجال للتجريب الدقيق، وهذا من سلبيات المنهج الوصفي الشهيرة.
- الصعوبة في تعريف مُصطلحات الدراسة: إن المُصطلحات المُرتبطة بالدراسات الإنسانية يُمكن تعريفها وفقًا لمعايير مُختلفة، وذلك ما يجعل الكثيرين يتنازعون في نتائج الأبحاث الوصفية لاختلاف التفسيرات فيما يبنهم، وعلى سبيل المثال في حالة وضع مُصطلح العولمة كمثال فنجد تعريفات مُتباينة؛ فهناك من عرف ذلك المُصطلح من منطلق اجتماعي، وآخرون من منطلق سياسي، وكذلك من منطلق اقتصادي... إلخ.
ما إجراءات استخدام المنهج الوصفي في البحث العلمي؟
يلزم لاستخدام المنهج الوصفي عدد من الإجراءات، وسوف نُبيِّنُها فيما يلي:
تحديد مشكلة أو ظاهرة الدراسة |
بداية إجراءات المنهج الوصفي تتمثَّل في تحديد مشكلة أو ظاهرة الدارسة بشكل مُدقَّق، والظواهر التي تتطلَّب المنهج الوصفي عديدة في واقعنا المُعاصر، ومن المهم أن يرتبط ذلك بتخصُّص الباحث العلمي. |
تحديد أهداف الدراسة |
الهدف أو الأهداف من اختيار ظاهرة مُعيَّنة يتمثَّل فيما يأمل الباحث أو الباحثة في بلوغه عند انتهاء البحث، وقبل الشروع في الدراسة ينبغي وضع أهداف واضحة وقابلة للقياس، وذلك من إجراءات المنهج الوصفي المحورية. |
تحديد عيِّنة المفحوصين |
بعد قيام الباحث بتحديد الأهداف ينبغي عليه اختيار عيِّنة من المفحوصين، ويُعَدُّ ذلك من بين إجراءات المنهج الوصفي الضرورية، ويجب أن تظهر في تلك العيِّنة الصفات التي يبحث عنها الدارس أو الباحث، وأنواع العيِّنات تتمثَّل في العيِّنة العشوائية أو العيِّنة المُنتظمة. |
جمع البيانات والمعلومات عن المشكلة محل البحث |
تختلف أدوات جمع البيانات من المبحوثين أو المفحوصين، ويأتي الاستبيان "الاستقصاء" في المكانة الأولى، ويُعوِّل عليه الباحثون كثيرًا في سبيل جمع البيانات والمعلومات، وهو عبارة عن استفسارات يصوغها بدقَّة في نموذج يُعرف باسم "استمارة الاستبيان". من أنواع أدوات البحث العلمي الأخرى كل من: المُقابلات والمُلاحظات والاختبارات. |
تبويب وتحليل البيانات |
تُعَدُّ مرحلة تبويب وتحليل البيانات التي يجمعها من إجراءات المنهج الوصفي الأساسية؛ حيث يقوم الباحث بتصنيف البيانات المُتشابهة، وعلى سبيل المثال في حالة طرح أسئلة مُتنوِّعة من خلال استبيان، فيقوم الباحث بتصنيف أو تبويب الإجابات الخاصة بكل سؤال، وبعد ذلك تستخدم أدوات التحليل الإحصائي، ويُمكن ذلك من خلال برامج الحاسوب الحديثة مثل SPSS أو E.VIWER أو EXCEL ... إلخ. |
وضع الاستنتاجات (نتائج البحث) |
آخر مرحلة من إجراءات المنهج الوصفي تتمثَّل في وضع الاستنتاجات (نتائج البحث)، ويجب أن يكون ذلك بناءً على براهين رقمية أو وصفية مُستنبطة من نتائج التحليل الإحصائي، بالإضافة إلى الدلائل المعلوماتية الأخرى. |
ما أنواع المنهج الوصفي؟
تتعدَّد أنواع المنهج الوصفي، ومن أبرزها ما يلي:
المنهج الوصفي الارتباطي |
ويُستخدم المنهج الوصفي الارتباطي في توضيح العلاقات بين المتغيرات، ومن بين ذلك دراسة الحالات الفردية أو المُؤسَّسية أو الجماعية. |
المنهج الوصفي المســـحي |
ويُستخدم المنهج الوصفي المسحي في الدراسات الشاملة، ومن بين أنواع الدراسات المسحية كل من استطلاع الرأي العام، وتحليل الوظائف أو الأعمال. |
المنهج الوصفي النمائي |
والمنهج الوصفي النمائي عبارة عن دراسة لعلاقات بين مُتغيِّرات في ظل ظروف مُعيَّنة وزمن مُعيَّن، وتفسيرها، ومن بين ذلك دراسة توجُّهات الطلاب التعليمية في دولة ما، ودراسة التطور اللغوي لدى الأطفال في مراحلهم الأولى. |
المنهج الوصفي المُقارن |
ويهدف المنهج الوصفي المُقارن إلى إجراء المُقارنة، وتوضيح أوجه التَّشابُه والاختلاف بين الظاهرة في أماكن مُختلفة، وعلى سبيل المثال في حالة دراسة ظاهرة مثل الطلاق؛ فيُمكن التَّعرُّف على نسب الظاهرة في دولتين مثل السعودية وإنجلترا، ومن ثَمَّ التَّعرُّف على كيفية مُعالجة تلك المشكلة في كلا البلدين، ويُفيد ذلك في اقتباس كثير من وسائل الحل المُتَّبعة في الدول الأخرى الأكثر تطوُّرًا. |
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات