المنهج التحليلي
المنهج التحليلي أحد المناهج المتخصصة المستخدمة من جانب الباحثين في تفصيل الدراسات العلمية، ولفظة المنهج تعني المسلك، أو طريقة التفكير التي يتبعها الباحثون والباحثات من أجل إجلاء الغموض عن الظواهر أو الإشكاليات، ووفقًا لنظريات مُؤَصِّلة، لمواجهة الواقع، وذلك على اختلاف نوعيات الأبحاث العلمية، بما ينظم ترتيب المهام، ومِنْ ثَمَّ توضيح الأسباب، وبلوغ النتائج التي توضح مَكنون الظاهرة، وفي الغالب لا يُستخدم منهج واحد في تنفيذ البحث العلمي، ويسعى الباحثون للاستفادة من هذه المناهج أقصى استفادة، وتخطِّي السلبيات التي تشوب بعضها، وتعظيم الإيجابيات؛ من خلال الاعتماد على أكثر من منهج، وفيما يلي سنوضح طبيعة المنهج التحليلي من خلال أطروحات محورية عديدة.
ما طبيعة المنهج التحليلي؟
-
التحليل اسم يعني: تبيان أصل الأجزاء، والتَّعرُّف على طبيعة ووظيفة ومحتوى كل جزء، والمصدر "حلَلَ"، والجمع "تحاليل" و"تحليلات"، ومن بين المشتقات: "تحاليل"، و"تحليلي"، "احتل"، "أحاليل"، "أحولة"، "إحلال".
-
ترتبط كلمة التحليل بشكل مباشر بما يُقرن بها من كلمات، وعلى سبيل المثال نجد أن التحليل الاقتصادي يعني تحليل العناصر التي يتألف منها علم الاقتصاد، مثل: العلاقة بين العرض والطلب، والأسعار، والتضخم، والفوائد... إلخ، والتحليل المالي يعني تجزئة العناصر المالية؛ كي تمنحنا التفصيلات دلالات، ونستطيع من خلالها استشفاف الأمور، ومِنْ ثَمَّ اتخاذ القرارات المناسبة في ضوء ذلك.
-
المنهج التحليلي: منهج يقوم على تقسيم أو تجزئة الظواهر أو المشكلات البحثية إلى العناصر الأولية التي تُكَوِّنها؛ لتسهيل عملية الدراسة، وبلوغ الأسباب التي أدَّت إلى نُشوئها، ويستخدم بالتزامن مع طرق علمية أخرى.
ما العلاقة بين المنهج الوصفي والمنهج التحليلي؟
يأتي المنهج الوصفي في مقدمة جميع المناهج العلمية، ولا يكاد يخلو أي بحث علمي منه، سواء أكان ذلك بشكل مباشر، أو غير مباشر، وهو يهتم في الأساس بتبني ظاهرة في الطبيعة، وصياغة العلاقات في صورة أسئلة بحثية أو فروض خبرية، والمنهج التحليلي يساعد في بلوغ نتائج أكثر دقة بنهاية البحث؛ من خلال أعمال التجزئة والتقسيم والتقويم للمشكلة، والتعمق في التفسير، بمعنى أن أسس المنهج التحليلي تكمل إجراءات المنهج الوصفي أو غيره من المناهج العلمية.
ما المحاور الثلاثة التي يشملها المنهج التحليلي؟
المنهج التحليلي كأي منهج علمي له قواعده التي يعتمد عليها، ويتمثل ذلك في ثلاثة محاور، وهي:
-
التفكيك (التفسير): وذلك المحور يتمثَّل في عرض الدراسات العلمية بشرح موسع، مع التماس التأويلات؛ من خلال استرجاع العناصر الأساسية، والتَّعرُّف على المسببات والعلل، بما يساعد على توضيح الظواهر.
-
التقويم (النقد): وذلك الجزء مهم في حالة وجود دراسات سابقة تشبه البحث العلمي الذي يقوم به الباحث، ومِنْ ثَمَّ تقويمها بأسلوب علمي صحيح، وتوضيح نقاط الضعف، وتصحيحها بالاستناد لأسس علمية صحيحة.
-
التركيب (الاستنتاج): ويتمثَّل في تركيب المفاهيم والنتائج، ويمكن أن نطلق عليها مرحلة الاستنباط، سواء تم ذلك بشكل كلي أو جزئي، وفي ضوء ذلك يتم التعميم.
ما أنواع الأبحاث التي يستخدم فيها المنهج التحليلي؟
يهتم المنهج التحليلي بالتجزئة والتفاصيل الدقيقة، كمرحلة مهمة لإيجاد قرائن وبراهين، تُقنع القراء المتخصصين بتوجهات الدراسة، ومن خلال تبنِّي مبدأ الموضوعية، الذي يأتي في مقدمة مقومات البحث العلمي المنضبط، ويشيع استخدام المنهج التحليلي في الأبحاث الشرعية مثل: الفقه، والحديث، والتفسير، وسِيَر الأعلام، وكذا الأبحاث الاجتماعية، مثل: الفلسفة، والإدارة، والاجتماع، واللغة العربية، وعلم النفس... إلخ.
ما دور أدوات البحث العلمي في المنهج التحليلي؟
-
ترتبط أدوات البحث العلمي بشكل مباشر بالمنهج التحليلي؛ نظرًا لكونها تساعد في تجميع البيانات الخام من عيِّنات الدراسة (المستجيبين)، ويطلق على اسم هذه النوعية من البيانات اسم مصادر معلومات مباشرة أو (آنية)، وذلك بخلاف المصادر غير المباشرة (تاريخية)، والتي تتمثَّل في المصادر والمراجع والمقالات... إلخ، وذلك هو عصب الأبحاث والرسائل العلمية على اختلاف أنماط البيانات.
-
من أهم أدوات البحث التي يشيع استخدامها الاستبيان، وكذا المقابلة، والملاحظة، والاختبارات، واستخدام كل نوع مما سبق ذكره يتوقف على نوعية الدراسة.
ما دور علم الإحصاء في المنهج التحليلي؟
يُعَدُّ الإحصاء من أبرز شُعَب الرياضيات، وله دور كبير في مجالات عديدة، ومن بين ذلك تنفيذ الأبحاث العلمية؛ حيث يُساهم في تبويب وتلخيص البيانات والمعلومات التي تم جمعها سلفًا، وتحليها، وإيجاد أرقام لها مدلول بالنسبة لمشكلة الدراسة، ويتم وضعها في صورة رسوم وجداول وإحصائيات يسهل فهمها من جانب المُهتمين، ومن أشهر المعادلات الإحصائية التي تُستخدم: المتوسط الحسابي، والمنوال، والمدى، والوسيط، والانحراف المعياري، ومعاملات الارتباط والانحدار، وبالتأكيد يُعَدُّ ذلك عماد المنهج التحليلي وتحقق الهدف الرئيسي له، ويستخدم في هذه الفترة تطبيقات حاسوبية دقيقة، تساعد في التوصل للنتائج الإحصائية بسرعة كبيرة، ومن بين هذه التطبيقات كل من برنامج SPSS، وSAS، وExcel، E.view، وغيرها.
ما خـــطوات المنهج التحليلي؟
أيًّا كان المنهج العلمي الذي يُستخدم بالتزامن مع المنهج التحليلي فإن الأخير كما سبق أن أسلفنا ذكرًا؛ يُستخدم كعامل مساعد في تدقيق الاستنتاجات أو الخلاصة البحثية كما يطلق عليها البعض، ويمكن أن نلخص خطوات المنهج التحليلي، التي لا تنفصل عن مكونات كثير من المناهج الأخرى التي يستخدمها الباحثون فيما يلي:
-
الإجابة عن أسئلة البحث أو تفسير الفرضيات: يتطلب أي بحث علمي وضع أسئلة بحثية تبدأ بالأدوات المتعارف عليها مثل: كيف، وما، وهل.... إلخ، أو يمكن وضع فرضيات تبين العلاقة بين متغيرين، بالإضافة إلى إمكانية وضع الأسئلة والفرضيات معًا، والحكم في ذلك هو أهداف البحث، والتي ترتبط بالنتائج النهائية، ويسهم المنهج التحليلي في تنظيم وترتيب البيانات للإجابة عن الأسئلة أو تفسير الفرضيات.
-
صياغة النتائج: في مرحلة تالية، وبعد توضيح إجابات أسئلة البحث، وكذا الربط بين المتغيرات، وتبيان العلاقة، يأتي المنهج التحليلي ليساعد الباحث في صياغة الخلاصة.
ما أنــــــــــواع المنهج التحليلي؟
لا يُستخدم المنهج التحليلي بمعزل عن المناهج الأخرى؛ لذا نجد أنه يقترن في المسمى بكثير من المناهج العلمية الأخرى، وسنوضح أبرز أنواع المنهج التحليلي فيما يلي:
المنهج الوصفي التحليلي:
تتمثَّل خطوات المنهج الوصفي التحليلي في رصد الظاهرة محل الدراسة، ومِنْ ثَمَّ يشرع الباحث في توصيفها؛ من خلال المعلومات والبيانات المتاحة بشكل مبدئي، ومِنْ ثَمَّ وضع الأسئلة أو فرضيات البحث العلمي، ثم التعمق في الدراسة، والتَّعرُّف على مسببات المشكلة، وتحليل النتائج، ووضع الحلول؛ من خلال رؤية الباحث.
المنهج المقارن التحليلي:
ظهرت الحاجة للمنهج المقارن التحليلي في تلك الفترة، والتي تتفاوت فيها الدول من حيث مستوى التقدم، ونجد أن هناك ظواهر وإشكاليات تتفاوت في حدَّتها بين دول وأخرى، وهناك من يتغلَّب عليها بسرعة، وأخرى تقبع تحت نيرانها، ولا تستطيع التخلص منها، ومِنْ ثَمَّ يستخدم ذلك المنهج في المقارنة بين الإشكاليات في أكثر من دولة، والاستفادة من طرق العلاج التي اتَّبعتها الدول المتقدمة، ومن خلال التحليلات الدقيقة.
المنهج الفلسفي التحليلي:
يُعَدُّ المنهج الفلسفي التحليلي أنسب المناهج في تفسير الظواهر المعنوية، ومن بين ذلك مفهوم العدل والإيمان والجمال والوجود والخير والشر، ويُساهم ذلك في التوصل لأنسب التفسيرات في تلك النوعية من الدراسات العلمية.
المنهج الاستكشافي التحليلي:
يُستخدم المنهج الاستكشافي التحليلي في حالة رغبة أحد الباحثين في تصميم اختراع جديد، وعماد ذلك المنهج هو التجربة والخطأ.
تعرف على أهم الصفات التي يجب ان تتوافر في منهج البحث العلمي:
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات