المنهج الوصفي التحليلي
يُعَدُّ المنهج الوصفي التحليلي من بين فروع الأبحاث الوصفية المُهمة، ولنسترجع معًا بدايات رحلة البحث العلمي بهيئتها التنفيذية (الكتابية)، والتي تبدأ باختيار الباحث موضوعًا دراسيًّا مُحدَّدَ المعالم والهوية، ومن ثم اختيار العنوان المناسب، ثم الشروع في وضع المقدمة المُختصرة، ومن بين العناصر المهمة أيًضا انتقاء الباحث لمنهج أو عدَّة مناهج علمية مناسبة؛ يستطيع من خلالها أن يجد الطريقة المثالية لتفصيل محاور البحث، وهنا يظهر المنهج الوصفي التحليلي كمنهج مهم يُساعد على توصيف المشاكل العلمية بدقة، وصولًا لاستنتاجات إيجابية، وهو مناسب للبحوث التي تتضمن توجهات وسمات وخصائص، ويتمثل ذلك في الرسائل والدراسات الاجتماعية بوجه عام، والتي لا تعتمد على الأرقام كشواهد في استنتاج الخلاصة، أو الأبحاث التي تتضمن سمات ورقميات في ذات الوقت، وسنُخصِّص أسطُر مقالنا للحديث عن المنهج الوصفي التحليلي بالتفصيل.
ما المنهج الوصفي التحليلي؟
هو طريقة منهجية مرتبة يقوم فيها الباحث بدراسة موضوع بهيئته الطبيعية، ويدعمه في ذلك القيام بجمع الكم الذي يراه مناسبًا من البيانات والمعلومات؛ ثم توضيح العلاقة بين متغيرات البحث في صورة أسئلة أو فروض، وبعد ذلك استخدام أدوات التحليل الإحصائية التي تناسب طبيعة بيانات البحث، ويلي ذلك وضع النتائج، ثم ينتهي الباحث بصياغة الحلول، التي يرى من وجهة نظره أنها مناسبة.
ما أهمية المنهج الوصفي التحليلي؟
تظهر أهمية المنهج الوصفي التحليلي فيما يلي:
- للمنهج الوصفي إجراءات منظمة يستطيع أن يتبعها الباحث، وبما يُساعده في اختصار الوقت والجُهد، وبعيدًا عن استخدام الطرق العشوائية.
- يُسهم المنهج الوصفي التحليلي في تفصيل الدراسات الاجتماعية، وكذلك الطبيعية على حد سواء.
- يُساعد المنهج الوصفي التحليلي الباحثين في جمع المعلومات والبيانات، مع إيجاد وسائل مختلفة لتفسيرها.
- يمكن عن طريق المنهج الوصفي التحليلي أن يربط الباحث بين العلاقات؛ من خلال طرح أسئلة أو وضع فرضيات.
- يستطيع الباحث من خلال المنهج الوصفي التحليلي استخراج النتائج وفقًا لشواهد وقرائن متنوعة.
- يتَّسم المنهج الوصفي بالاعتماد على الموضوعية في إجراءات الدراسات، مع الابتعاد بشكل كلي عن التحيُّز الشخصي من جانب الباحثين.
- يمكن استخدام المنهج الوصفي التحليلي بالتزامن مع كثير من المناهج العلمية الأخرى، مثل المنهج الكمي، والمنهج الاستقرائي، والمنهج الاستنباطي... إلخ، وبما يقلل من العيوب التي تشوب ذلك المنهج.
ما نوعيات البحوث التي يمكن أن يُستخدم فيها المنهج الوصفي التحليلي؟
تُعتبر البحوث الاجتماعية في مقدمة الدراسات التي يمثل فيها المنهج الوصفي التحليلي عنصرًا مهمًّا للتعرف على مكنون القضايا، ومُعالجتها، وتجدر بنا الإشارة إلى إمكانية استخدام المنهج الوصفي التحليلي في بعض من الدراسات ذات الصلة بالعلوم الطبيعية؛ وذلك بالتشارك من مناهج أخرى يمكنها أن تصنع فارقًا، وتُؤتي ثمارها في استخلاص نتائج جيدة.
ما خطوات استخدام الباحث للمنهج الوصفي التحليلي؟
هناك مجموعة من الخطوات التي يجب أن يتبعها الباحثون فيما يخص المنهج الوصفي التحليلي، وسنوضحها فيما يلي:
- الشـــــعور بمشكلة البحث: أُولى خطوات استخدام المنهج الوصفي التحليلي تتمثل في شعور الباحث بإحدى المشكلات التي تقع في نطاق تخصصه، والمشكلة تمثل أمرًا استعصى فهم مكنونه، وهو بمثابة صعوبة على غير المُعتاد، ومن هذا المنطلق يفكر الباحث في كيفية إيجاد مخرج لذلك، وعن طريق ما يمتلكه من مقومات علمية وآليات منهجية، واختيار المشكلة البحثية يخضع لعديد من الاعتبارات، ومن بينها أن تكون مشكلة مُثبتة وواضحة ومُكرَّرة الحدوث، وأن تكون هناك مصادر للمعلومات يستطيع الباحث أن يقدم من خلالها الشروح المناسبة، وكذا يجب أن تكون المشكلة على قدر كبير من الأهمية، وأن تكون مناسبة لما يتوافر مع الباحث من أموال.
- تجميع المعلومات والبيانات: من بين خطوات المنهج الوصفي التحليلي المهمة قيام الباحث بتجميع معلومات وبيانات حول موضوع الدراسة، ويكون ذلك من خلال المصادر، ويُقصد بها أُمَّهات الكُتُب، وكذلك المراجع، والتي تُفسِّر أو تشرح المصادر، بالإضافة إلى المقالات العلمية، والمجلدات، والمخطوطات... إلخ.
- صياغة أسئلة أو فروض البحث: تُعد صياغة أسئلة أو فرض البحث من أهم خطوات المنهج الوصفي التحليلي، حيث يبدأ الباحث في طرح أسئلة تدور في محاور الدراسة، ويستخدم في ذلك أدوات الاستفهام مثل: ما، ماذا، هل، كيف... إلخ، كما يمكن أن يصوغ الباحث فرضيات تتألف من متغيرين (متغير مستقل، ومتغير تابع)؛ من أجل التعرف على العلاقة فيما بينهما، ويستخدم بعض الباحثين، وخاصة في مرحلة الدكتوراه أسئلة وفرضيات في الوقت نفسه، ويكون ذلك على حسب الحاجة، والأسئلة والفرضيات البحثية يمثلان حلولًا ما زالت قيد البحث، ومن خلال الشروح المُقدمة والبراهين والشواهد المُقنعة؛ نستطيع أن نحكم على مدى صحتها.
- اختيار عينة الدراسة: تأتي خطوة تحديد عينة للدراسة بين أهم خطوات المنهج الوصفي التحليلي، والهدف من ذلك هو الحصول على بيانات ومعلومات مباشرة، عن طريق الأفراد الذين تظهر فيهم الخصائص أو التوجهات التي يفتش عنها الباحث، وتلك الطريقة تساعد في خفض تكلفة البحث العلمي وتقلل من المجهود المبذول، وخاصة في حالة كون مجتمع الدراسة كبير الحجم، ومن خلال ذلك يختار الباحث مجموعة لتمثل المجتمع الأكبر، وفي نهاية البحث وبعد الخروج باستنتاجات صحيحة، يمكن إجراء عملية تعميم.
- اختيار أدوات الدراسة: توجد أنواع مختلفة من أدوات البحث العلمي اصطلح عليها العلميون، ويعتمد المنهج الوصفي التحليلي على تلك الأدوات؛ للوصول إلى المعلومات التي تُثري البحث، ومن أبرزها الاستبيان، وهو يتمثل في أسئلة يُدوِّنها الباحث في نموذج يُطلق عليه نموذج الاستقصاء أو الاستبيان، وقد تكون تلك الأسئلة مغلقة أو مفتوحة، أو الاثنين معًا، ومن بين أنواع أدوات البحث العلمي الأخرى كل من: الاختبارات والمقابلة وبطاقة الملاحظة، ومن المهم أن يختبر الباحث مدى جودة تلك الأدوات، ومناسبتها لموضوع البحث أولًا، قبل الانطلاق في استخدامها فعليًّا.
- الشرح والتحليل: بعد امتلاك الباحث لقاعدة من المعلومات؛ يبدأ في تقديم الشروح وبصورة موسعة من خلال صياغة محتوى البحث، ويتمثل ذلك في الأبواب والمباحث والفصول والمطالب، مع إجراء تحليل لهذه البيانات، كما يمكن أن يستعين الباحث بمؤلفات السابقين التي تطرَّقت لمشكلة البحث (الدراسات السابقة)، وهي إحدى الوسائل المهمة التي يفضل المُقيِّمون تضمينها للأبحاث؛ من أجل توضيح الباحث لمدى جدوى وأهمية بحثه، والفرق بينه وبين الأبحاث السابقة.
- استخلاص النتائج: بعد الانتهاء من الشرح والتحليل لمختلف عناصر وبنود مشكلة البحث، تأتي أهم الإجراءات في المنهج الوصفي التحليلي، وتتمثل في الخروج بخلاصة أو نتائج من البحث، وهي خطوة تعتمد على جميع الخطوات السابق ذكرها، ومن المهم أن تكون النتائج مُرتَّبة ومُقنعة، ومرتبطة بأهداف وأسئلة البحث أو فروضه، وفي ظل هذه النتائج يقوم الباحث بالتفكير في إيجاد الحلول المناسبة، فيما يُعرف بتوصيات البحث.
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات