العناصر الأساسية في المنهج العلمي
هناك مجموعة من العناصر الأساسية في المنهج العلمي، وذلك على الرغم من وجود اختلافات في بعض هذه العناصر؛ حسب طبيعة ما يستخدمه الباحثون والباحثات من مناهج، فعلى سبيل المثال نجد أن المنهج التاريخي والمنهج التجريبي يبدآن بتحديد المشكلة، ثم وضع فرضيات أو تساؤلات بحث، ثم جمع المعلومات والبيانات، وتختلف التفصيلات المتعلقة بكل منهج في خطوة تجميع المعلومات؛ حيث يقوم الباحث في ظل المنهج التاريخي بتتبُّع المشكلة؛ من خلال المصادر والمراجع في المقام الأول، ويتبع ذلك عملية نقد داخلي وخارجي، ومن ثم التوصل للاستنتاجات، بينما يهتم المنهج التجريبي في المقام الأول بإجراء التجارب والملاحظة الدقيقة، وفي ضوء ذلك يتم وضع النتائج، ويمكن أن نخرج من ذلك وجود تشارُكات وتداخُلات فيما بين جميع المناهج، وقد يستخدم الباحث منهجًا علميًّا أو أكثر في الوقت نفسه؛ لتحقيق أكبر قدر من المزايا، والتوصل لنتائج منطقية.
محاور المقال:
· ما طبيعة المنهج العلمي؟
· ما أهمية دراسة المنهج العلمي؟
· ما العناصر الأساسية في المنهج العلمي؟
· ما أهم المناهج العلمية المستخدمة في دراسة الظواهر والإشكاليات؟
ما طبيعة المنهج العلمي؟
· لفظة المنهج في اللغة العربية تعني الطريق المستقيم الواضح، وكلمة منهج باللغة اللاتينية تعني METHODUS، وأول من استخدمها هو الفيلسوف اليوناني أفلاطون، وهي تعني بلوغ المعرفة، وكذا استخدمها الفيلسوف أرسطو بمعنى البحث، وعلى المنوال نفسه استخدم علماء المنهجية الأوروبيون لفظ METHOD بمعنى طريقة واضحة للبحث، أو أسلوب لتجميع البيانات والمعلومات، كما أنها تعني النظام التقني، أو طريقة للاستقصاء المخطط.
· إن فكرة المنهج العلمي لم تكُن وليدة العصر الحديث، أو حتى الأوسط، بل إنها وُلدت منذ فجر التاريخ، ونرى ذلك واضحًا فيما تركه الأقدمون من مخلفات علمية وأدبية، فنجد على سبيل المثال المنهج الفرضي أو الجدلي لأفلاطون، والذي ينقسم إلى برهان الخلف، والحوار السقراطي، والمنهج التمثيلي الغائي لأرسطو، وما استتبع ذلك من مناقشات مُدوَّنة بين هؤلاء الفلاسفة.
· تطوَّرت فكرة المنهج العلمي في شقها النظري بداية من القرن السابع عشر، وكان قائد الدفَّة في ذلك هو العالم "فرنسيس بيكون"، وبالتحديد في الفترة بين عامي 1561م و1626م، وتبعه على النهج ذاته كثير من العلماء، وهم: جون ديوي، وستيورات تشاين، وجون ستيورات ميل، وبرتران رسل، ودور كايم، ورينيه ديكارت، وبورويال، ومن ثم ظهرت حاجة مُلِحَّة لظهور ما يُعرف بعلم المناهج "METHODOLOGY"، والذي يبحث في الطرق التي تؤدي إلى الوصول للحقائق والقوانين، وأشهر الكتب في ذلك كتاب جون ستيورات ميل الذي عُرف باسم "المنطق"، وتضمن ذلك الكتاب وسائل للاستقصاء، وتقويمًا للمعلومات والبيانات.
· كان هناك صراع - ولا يزال - بين الفلاسفة والعلماء في أحقية كل منهم في أسس المناهج العلمية، حيث مال الفلاسفة وبما يضعونه من أسس منطقية وقياسية إلى أنهم هم الأقدر على وضع المنهج العلمي، بينما رأى العلماء من أصحاب الفكر التجريبي أنهم هم الأحق بذلك، وهناك من يرى أن وضعية المنهج العلمي خاصة، ولكل عالم منهجه.
· إن المُتتبِّع لرحلة المنهج العلمي عبر التاريخ ومنذ القدم سيجد أن واضع أسس الاستنباط والاستقراء هو الفيلسوف "أرسطو"، وعرف ذلك بعلم المنطق إلا أن أبرز عيوب ذلك المنهج هو النزعة التأملية في التفكير، واعتماده على المؤكدات كبداية للدراسات البحثية، ومن ثم الوصول للقواعد بالتطبيق على الجزئيات، وجاء "بيكون" ليقدم لنا انطلاقة جديدة في ظل الفكر التجريبي، وما يتضمنه من إجراء ملاحظة وتجارب واقعية، ومن بعده ديكارت الذي اهتم بالقوانين الرياضية.
· ويمكن أن نعرف المنهج العلمي بصورة مبسطة على أنه: "خطة مرسومة بهدف الكشف عن الحقيقة، ومن ثم التوصل لمجموعة من الغايات".
ما أهمية دراسة المنهج العلمي؟
· تُعد دراسة المنهج العلمي عمادًا للعمل البحثي، لتحقيق رغبات الباحثين والباحثات والتوصل بنتائج منطقية ومقبولة من الناحية العلمية، فهي تُساعد الباحث على تنمية القدرات الخاصة بها، ومن ثم تفهم مختلف الطرق والأسس التي تعتمد عليها البحوث والرسائل العلمي، ولا غنى عن دراسة ذلك بالنسبة لطلاب وطالبات الدراسات العُليا على الوجه الخاص، وبما يترتب عليه الفهم السليم للمشكلة، ومن ثم القدرة على طرح التساؤلات أو وضع الفرضيات، واختبارها، والتوصل لنتائج موثوق منها.
· تُنمي المناهج العلمية قُدرة الباحث والباحثة فيما يتعلق بعملية التحليل بالنسبة للبيانات للمعلومات، وتقويم المنتجات العلمية والأدبية السابقة، ومن ثم الاستفادة من ذلك في الجوانب العملية والنظرية، وبما يُساعد الفئات التي تمارس التخصصات بصورة عملية أو تنفيذية في الوصول للأفضل، واتخاذ القرارات بشكل حكيم، وتخطي الصعوبات التي تمُرُّ بهم.
ما العناصر الأساسية في المنهج العلمي؟
على الرغم من وجود عناصر تختلف بين منهج علمي وآخر، فإننا سنتناول العناصر الأساسية في المنهج العلمي، والتي تشترك فيها غالبية المناهج العلمية:
تحديد مشكلة البحث:
تُعد خطوة تحديد مشكلة البحث من العناصر الأساسية في المنهج العلمي بمختلف تصنيفات البحث، وتلك المشكلة لا بد أن تكون قابلة للدراسة، بمعنى ليست من وحي خيال الباحث، ولها وجود في الواقع، ويمكن ملاحظتها بشكل متكرر، والمشكلة هي التي تدفع الباحث بما يملكه من معلومات أولية نحو خوض غمار الدراسة، وما يستتبع ذلك من تفصيل وتفسير.
وضع التساؤلات والفرضيات:
في ضوء تحديد المشكلة محل البحث يقوم الباحث بخطوة لا تقل أهمية عن سابقتها، ويتمثل ذلك في:
· طرح تساؤلات البحث: ويشيع استخدام تلك الطريقة في الدراسات والبحوث الوصفية التي لا تتضح فيها المتغيرات البحثية، ومن ثم يقوم الباحث بتقديم التساؤلات، ويمكن أن تتضمن التساؤلات متغيرًا واحدًا مستقلًّا، أو اثنين: مستقلًّا وتابعًا، ومن المهم أن تجيب شروح البحث عن تلك التساؤلات.
· وضع الفرضيات التي تعبر عن العلاقة بين المتغيرات: الفرضية عبارة عن تخمين ينطوي عليه حل مشكلة البحث، وهي علاقة خبرية بين متغيرين أحدهما مستقل والآخر تابع، ويلزم لها اختبار، ويكون ذلك من خلال القيام بإجراءات معادلات إحصائية، ومن أشهرها معامل الارتباط لبيرسون، ومعامل الارتباط لسبيرمان، و معادلات الانحدار، وغيرها.
تجميع البيانات والمعلومات بشكل مباشر أو غير مباشر:
تجميع البيانات من بين أبرز العناصر الأساسية في المنهج العلمي:
· الطريقة المباشرة في جمع المعلومات تتمثل في اختيار عيِّنة بحث (مجموعة من الأشخاص) يمثلون مجتمع الدراسة، ومن ثم اختيار أداة من أدوات البحث العلمي مثل: الاستفتاء، أو الملاحظة، أو المقابلة، أو الاختبارات، والقيام باستخدام علم الإحصاء في الخروج بمدلولات من هذه البيانات، وتفسير العلاقة بين المتغيرات التي يتضمنها البحث، وكذا الإجابة عن تساؤلات الباحث.
· الطريقة غير المباشرة في تجميع المعلومات والبيانات تتمثل في اطلاع الباحث على المصادر والمراجع، ومن ثم توضيح بعض العناصر التي يتضمنها البحث، مع أهمية توثيق الدراسات السابقة التي سبق وأن شرحت نفس مشكلة الدراسة، وتوضيح الباحث للفارق بين دراسته الراهن، وما سبق من دراسات سابقة.
صياغة النتائج النهائية:
تُعد صياغة النتائج هي نهاية الإجراءات المتعلقة بأي منهج علمي، وهي تتمثل في ملخص منطقي يفسر المشكلة.
ما أهم المناهج العلمية المستخدمة في دراسة الظواهر والإشكاليات؟
· وضع العلماء كثيرًا من التصنيفات بالنسبة للمناهج العلمية، ومن أهمها تصنيف جود وسكانس، وتصنيف هويتني، وتصنيف ماركيز، ولكل عالم وجهة نظره في ذلك، إلا أنه في الآونة الأخيرة ظهرت توجُّهات تقضي بأن أصل جميع المناهج المستخدم ثلاثة رئيسية، وهي: المنهج الوصفي، والمنهج التجريبي، والمنهج التاريخي، وينبثق من كل منهج شُعَبٌ أخرى.
· فنجد على سبيل المنهج الوصفي يتفرع منه: منهج الدراسات المسحية، ومنهج العلاقات، والمنهج النمائي، وكل منهج من هذه الفروع ينبثق أسفله أكثر من منهج آخر.
· ونجد منهج الدراسات المسحية يتبعه كل من: منهج التحليل الوظيفي، ومنهج المسح الاجتماعي، ومنهج دراسات الرأي العام، والمنهج التحليلي، والمنهج التربوي المدرسي.
· أما المنهج النمائي (التتبُّعي) فينقسم إلى دراسة التوجهات، ودراسة النمو.
-
وبالمثل منهج العلاقات يتبعه كل من: المنهج الوصفي الارتباطي، والمنهج السببي المقارن، ومنهج دراسة الحالة الواحدة (المونوغرافيا).
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات