النقد التاريخي
تتنوع المجالات العلمية و تتعدد مجالات نقدها، حيث سنتناول في مقالنا الحالي النقد التاريخي لمادة التاريخ و بعض من نقاده ، حيث يعتبر النقد التاريخي من أعرق و اقدم الأمور المهمة في العلم كونه يهتم بتتبع أثر الأنسان منذ قدمه و حتى وقتد الحالي ، و يرصد و يؤرخ التطورات البشرية و إنجازاتها ، و من هذه الأهمية المتوفرة في اختصاص التاريخ ، جاءت أهمية نقده ، حيث يمكننا أن نعرف النقد التاريخي :
هي طرق و أفعال تكون مبنية على اساس العلم ، يقوم بممارستها الباحث العلمي أو الطالب ، من خلال كتابة البحث و تدقيقه بشكل احترافي ، لكي يقوم الباحث التاريخي بتحقيق الهدف الذي يتجلى بالوصول و معرفة الحقيقة التاريخية بشكل بعيد عن التحريف و يكون حيادي و، حيث إذا أراد الباحث معرفة عوامل التأثر و التأثير للمنهج الأدبي و معرفة مراحل و خطوات تطور و تغير فن أو أدب أو أي نوع منهما ، فيجب أن يقوم بمعرفة و جمع معلومات و بيانتا عن المنطقة او البلد الذي نشأ فيه أي منهما أو كلاهما ، حيث المنهج التاريخي ملازم للمنهج الأدبي و الفني ، و يتقاطع معه في الكثير من التفاصيل و الأساليب و الطرق .
النقد التاريخي و أهميته و نشأته :
خلال نهاية القرن التاسع عشر و بالتزامن مع الثورة الفرنسية تطور النقد بشكل عام تطوراً هائلاً ، و كانت الثورة الفرنسية ضد الافكار التي تطالب بالرجوع إلى القواعد اليونانية و الرومانية خلال التحكيم بالاتجاه النقدي و الأدبي
حيث كان رأي المؤرخون و النقاد أن الأدب هو انعكاس عن المجتمع الذي يكون فيه ، و ظهرت العديد من المؤلفات التي تؤكد الحقيقة السابقة حيث تجلى ذلك في مؤلفات و كتب ، مثل كتاب (في تاريخ فرنسا ) الذي ألفه ميشيل حيث تكلم من خلاله عن البيئات المتعددة للشعب الفرنسي و عن كيفية نشأته و تطوره ، و قام الباحث فلمان بتحويل بحثه إلى عمل أدبي يحتوي العديد من الأفكار السياسية و البيئية و الاجتماعية و تحدث عن دور الجنس في العمل الأدبي ، حيث من خلال عمله اعطى المنهج التاريخي في النقد حقه في الظهور و المعرفة بالعلن ، و في منحى آخر كانت العلوم الطبيعية تتطور و هي محكومة بقوانين ثابتة لا يمكن تغييرها ، و ذلك ساعد الأدباء لينهضوا بفكرة أن يصبح للنقد قواعد ثابته تحكمه و اعتبروه الباحثون أنه علم يشبه أي علم آخر موجود في المجال العلمي و الأكاديمي .
وهنالك العديد من الرواد في مجال النقد التاريخي الذين كانوا بدايتاً مع فكرة أنه علم يشبه العلوم التجريبية الاخرى التي يجب ان تكون له حدود محكمة و قواعد مضبوطة ، وسوف نتحدث في مقالنا عن أهم رواد المجال التاريخي :
هيبولت تين :
يعتبر من أعرق تلامذة الباحث سانت بيف الذين مضوا على نهجه و عملوا من خلاله وأخذوا منه بشكل كبير ، حيث أكد على طريقة معلمه التي أكدت الحتمية المطلقة للأفعال التاريخية و تدوينها ، و نوه على أهمية وجود قوانين عامة يأخذ بها الادباء و تطبق عليهم دون أي فردية أو تخصص و عدم اهتمام بشخصية الكاتب أو الأديب أو النظر لها ، لأن ذلك يتواجد في العلوم الطبيعية و هذا ما عمل عليه خلال دراسته لتاريخ الأدب الإنجليزي ، حيث أن الفرد جزء من مجتمعه و حين يدرس الباحث الفرد يجب أن يعود إلى مجتمعه و إلى بيئته التي عاش فيها و تشكلت العوامل التي تركت فيه العديد من الآثار و الأفكار ، و التي برأي تين تتجلى في ثلاث عوامل ؛ البيئة ، الجنس ، الزمان ،
حيث البيئة ؛ تتنوع و تختلف خصائصها و الجغرافيا التي تنمو بها ، و الجنس ؛ يتميز عن غيره من الأجناس الأخرى و له خصائص محددة ، و الزمان ؛ حيث لكل حقبة زمنية احداث مختلفة و لكا عصر خصائص محددة له و أحداث تختلف و تتنوع .
برون تير :
حاول برون تير تطبيق نظرية النشوء و الارتقاء للعالم داروين التي كانت تتعلق بالإنسان و تطوره ، على الأدب و الأدباء وكان رأيه أن الأديب جزء من الكائنات وحاول تطبيقها على ثلاثة أنواع من الأدب ؛ النقد الادبي و الشعر الغنائي و المسرح ، حيث طبقها منذ نشأة الأنواع الثلاث و أي تغير حدث لهم فهو حدث و تطور بفعل عاملي البيئة و الزمن .
سانت بيف :
دعا إلى دراسة الأديب بطريقة علمية و عميقة دقيقة عن طريق معرفة طبيعته و خصائصه الجسدية ، و الفترة الزمنية التي بدأ فيها الكتابة و التدوين ، و أصدقاءه في تلك الفترة ، و بيئته ، و عادات مجتمعه و مبادئهم و تقاليدهم و أخلاقهم ، و الأفراد الذين أثنوا على كتابته و أعدائه .
و الخطوة التي تلي الذي ذكرناه سابقا يصنف الأدباء و يرتبهم إلى فصائل وطبقات تبعا لنتائج بحثه ، و هذا يبين لنا كيفيه فهمه للعلوم التجريبية ، له مؤلفات عديدة ،منها ؛ أحاديث الاثنين ، و أحاديث الاثنين الجديدة ، و سميت دراسة بيف بالتاريخ الطبيعي للأدب .
و مما تقدم نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي تحدث عن النقد التاريخي ، حيث تناولنا من خلاله تعريف النقد التاريخ ، أهميته و نشأته و العديد من الأدباء التاريخيون الأوائل و القدامى .
نتمنى لكم الاستفادة و الله ولي التوفيق .
يقدم موقع مبتعث للدراسات والاستشارات الاكاديمية العديد من الخدمات في رسائل الماجستير والدكتوراة لطلبة الدراسات العليا .. لطلب اي من هذه الخدمات